متابعة ل-ب
بعد صدور القرار الأخير لمجلس الأمن لم يعد يجادل أحد أن ما يقنع المجتمع الدولي فيما يتعلق بقضية الصحراء هي المبادرات الميدانية و الخطوات الفعلية و ليست النوايا و الشعارات الجوفاء. فمن خلال نص القرار الأممي وإفادة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس يتضح أن ما حفظ ماء وجه المغرب كانت بالأساس نقطة إنشاء لجان جهوية للمجلس الوطني لحقوق الانسان وعملها في الصحراء وبدرجة أقل اشتغال المجلس الاقتصادي والاجتماعي على إخراج دراسة إطار حول نموذج تنموي خاص بالأقاليم الصحراوية.
ويعتبر أيضا انفتاح المغرب على الآليات الدولية لحماية حقوق الانسان مثل زيارة المقرر الأممي الخاص بالتعذيب الأرجنتيني خوان مانديز من النقط التي لعبت دورا إيجابيا في تجنيب المغرب من قرار كان سيقلب الموازين على الأرض رأسا على عقب.
انطلاقا مما سبق تبرز الحاجة الملحة لضرورة قيام قناة العيون الجهوية بأدوار إعلامية جديدة يكون الإنسان الصحراوي محورها الأساسي عبر جعله محور خطها التحريري بدل التركيز على خطابات بائدة ساعدت على إحداث درجة كبيرة من المقاطعة بين الانسان الصحراوي و هذه الوسيلة الاعلامية الموجهة إليه.
فالمتتبع للقناة المذكورة يكتشف حجم التباعد الحاصل بين خطها التحريري واهتمامات المواطن. فعلى النقيض من الأشهر الأولى لانطلاقتها التي اتسمت بنهج سياسة إعلامية مبنية على القرب من المواطن و عكس واقعه المعيش على كل المستويات سواء المرتبطة منها بالجوانب التدبيرية لشأنه المحلي أو إتاحة الفرصة له للتعبير عن حاجياته الضرورية و انتظاراته ، تحولت القناة إلى بوق دعائي مختص في تصوير الأنشطة الرسمية التي يقوم بها الولاة و العمال من توزيع للحفاظات و الكراسي المتحركة على المحتاجين إلى أداء صلاة العيد في المصلى تحت أشعة الشمس.
لقد حان وقت التحول صوب نقل الصورة كما هي وبدون روتوشات ومنح الكلمة للجميع . لقد حان الوقت أن يعرف الجميع أن الصحراء ليست تلك الجنة المزعومة التي يتمتع سكانها بكل الامتيازات وبلغوا درجة التخمة من الترف و توفر كماليات الحياة التي لا تتوفر إلا للمنعم عليهم.
لم يعد يخفى على أحد أن من بين سكان الصحراء من لا يؤمن بالمغرب وطنا و لا يعترف له بالسيادة على الصحراء و هو الشيء الذي اجتهدت الدولة على مدار عقود النزاع على اخفاءه و تصوير المنطقة على أنها مبايعة بأكملها وأنه لا وجود لمشكك في سيادة المغرب عليها.
الآن وغداة القرار الأممي تخرج أًصوات تطالب بتقرير المصير وترفع أعلام الجمهورية ولم يعد مقبولا أن يواجهوا برجال الأمن الذين كادت ممارساتهم أن تجر المغرب إلى نتائج كارثية. لا بد من مواجهة هذا الخطاب بخطاب عقلاني مبني على الحوار يقنع بمشاريع واقعية وأهداف ممكنة تجمع شمل الصحراويين ضحية هذا النزاع على الجانبين.
على المسؤولين الفعليين عن قناة العيون أينما وجدوا أن يفتحوا الباب أمام الصحراويين للانخراط في نقاش صريح ومباشر حول قضية يشتركون في اقتسام تداعياتها و ستؤثر حتما في مستقبلهم. حان الوقت الوقت لكي تعالج القناة قضايا حقوق الانسان و تقرير المصير و الفقر و البطالة و التنمية بدون مساحيق تجميل وتحسيس الجميع بضرورة القيام بواجباته مهما كانت قناعاته فالبقاء في النهاية سيكون للإنسان حتما . لا مانع في أن تجلس أمينتو حيدار وتتحدث عن ما تعتقده من أفكار أمام المؤمنين بطرح الحكم الذاتي الذين سيحاولون بدورهم إثبات عدم جدوى ما تتبنى من أفكار في مناخ ديمقراطي تحتضنه استوديوهات التلفزة بدل شوارع مداشر الصحراء و ما سيخلفه ذلك من مناوشات غالبا ما تخلف مؤاخذات حقوقية على المغرب ربما لن تفلح دبلوماسية الوقت بدل الضائع في التصدي لنتائجها .
الديمقراطية كل لا يتجزأ و حقوق الانسان شمولية و كونية و لا تقبل التقطير فإما أن تكون خيارا لا رجعة فيه أو تترك كاملة. والدولة القوية هي تلك التي تستطيع احتضان جميع التعبيرات التي تتشكل بداخلها و توفر لها مساحة للتعبير على نفسها و تخلق مناخ لتدافع الأفكار يتيح تصحيح المواقف و تعزيز أخرى .