الصحراء اليوم: رأي - بقلم زين العابدين الوالي
شاءت الاقدار لساكنة مخيمات تندوف ، ان تنضاف الى معاناتهم على مر هذه السنين الطويلة ، تحت وطاءة اصعب ظروف العيش ، التي لا ترقى في عمومها الى الحياة الكريمة ، المكفولة في كل المواثيق و التشريعات الدولية .
معاناة اخرى تتمثل في هذا الوباء الذي ضرب العالم كله ، لتسقط شعوب المعمور فريسة سهلة له ، بما في ذلك تلك التي عرفت بإمكانياتها ومواردها الكثيرة والمتطورة ، فما بالك سكان مخيمات تندوف الذين يعيشون في وضعية ما تحت الهشاشة ، سكان يعيشون على المساعدات الانسانية او بالأحرى ما تبقى منها بعد عملية النهب و السرقة من قيادة يفضح امرها يوم بعد يوم ، لإتجارها بمعاناة الصحراويين المتواجدين بمخيمات تندوف ، جنوب غرب الجزائر .
لن اخوض في الانتهاكات الجسيمة لكل اشكال حقوق الانسان الاساسية ، سواء منها المدنية او السياسية المرتكبة بشكل ممنهج تجاه هذه الساكنة ، او مسؤولية البلد المضيف عن هذه الانتهاكات .
بل سأحاول ان ارصد بعض مظاهر المعاناة لهذه الساكنة في زمن هذه الجائحة ، اولها كان اغلاق الجزائر لحدودها مع مخيمات الصحراويين ، في تخل واضح " للحليف " في اوج ازمة كورونا ، فكيف في ظل تردي الخدمات الصحية ، والافتقار الى ابسط وسائل العناية و اجهزة الانعاش الصناعي يمكن التصدي لهذا الوباء .
ازمة ماء خانقة ، فالمعلوم ان اول الاجراءات الاحترازية الاولى للوقاية من العدوى لهذا الفيروس هي النظافة ، لكن ندرة المياه بالمخيمات ادخلت هذه الاخيرة في موجة عطش حيث اصبح الفرد بالكاد يسيطر على مشربه اليومي فكيف له ان يلتزم بالتعقيم وغسل اليدين عدة مرات . ان هذه المادة الحيوية التي من المفروض ان توفر مجانا للاجئين اصبحت تباع لهم .
كما لا يمكن ان تفرض الحجر الصحي على ساكنة ما لم توفر لها المواد الاساسية للعيش ، ساكنة لا موارد لها ولا مدخول ، ولكن لا عجب في ذلك فهذه القيادة الفاسدة تخلت عن مواطنين صحراويين عالقين في الحدود ، معظمهم نساء واطفال في الخلاء بمنطقة تسمى "عظم الريح" تحت رحمة الجوع والعطش والبرد .
ان شر البلية ليضحك ، ففي ظل هذه الاوقات و الظروف الحالكة ، التي يمر بها الصحراويين في المخيمات ، تخرج لهم ما يسمى والية ولاية اوسرد لتفرض على المواطنين جمع تبرعات لفائدة رجال الامن ، بالله عليكم اليس هذا قمة الاستهتار والانتهازية في حق هؤلاء المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة .
بل التخلي واللامبالاة لم يسلم منها حتى الصحراويين المنحدرين من مخيمات تندوف المتواجدون بالدول الاوربية ، فبعد تأكيد وفاة حالات منهم اثر اصابتهم بفيروس كورونا ،اضطر ذوي المتوفيين او ما يسمى مكاتب الجالية الصحراوية لجمع الاعانات لسد تكاليف شراء القبور وخدمات وكلات الدفن ، فبطبيعة الحال الامر هنا لا يتعلق بنشاط معاد للمغرب لسخرت له كل الميزانيات الجزائرية .
ان الصحراوين المتواجدين بمخيمات تندوف ، يجب عليهم ان يستوعبوا الدروس من ازمة كورونا، اولها انهم لا يمكنهم الاعتماد على كيان يدعي انه يمتلك مقومات الدولة ، وهو لا يملك منها سوى ما نسجت له مخيلته. ثانيها تطلعاته "للحليف" أي الجزائر الذي تخلى عنه في اشد الازمة العالمية لهذا الوباء ، يجب عليهم ان يدركوا جيدا انهم مجرد اوراق بأيدي قيادة فاسدة تنهب وتسترزق باسمهم ، واوراق بأيدي دولة جزائرية تستغلها لتصفية حسابات سياسية لبقايا حرب باردة بائدة.