الصحراء اليوم:رأي
الطنطان والمؤامرات
حلقات مسلسل ترمي إلقاء الضوء على مجموعة مؤامرات تهم مجالات عدة: اجتماعية، سياسية، اقتصادية، ثقافية... حيكت ولا زالت تحاك ضد مدينة النضال والحرمان( الطنطان) من جهات مختلفة: مسؤولين، منتخبين، رجال سلطة... ولن نخوض في التفاصيل والأرقام بقدر ما سنلامس خطوطها العريضة...
المؤامرة السادسة : المقاربة الامنية
يعود بنا التاريخ في مقاربة هذا الموضوع لفترة ما قبل وإبان وبعد بزوغ فجر الاستقلال حيث كان المجتمع الصحراوي الأصيل يعيش الحياة في الطنطان وفقا لتشريعات تربطهم والتزامات تخصهم ، في توافق تام بين القبائل المعروفة آنذاك غير محتكمين للقضاء الاسباني ولا المغربي أو يحاولون ما أمكن تجنبه في القضايا الأمنية المطروحة على قلتها، مما ساهم في استتاب الأمن والأمان،أدى إلى:
- إقلاع اقتصادي:أصبحت معه الطنطان تحتضن موسما سنويا مشهورا، يشهد التئام مكونات الصحراء البشرية ، بمشاركة مختلف الدول المجاورة (عكس ما يحدث الآن من بهرجة إعلامية مبتذلة وتضييع كبير للميزانية، وانحطاط للقيم الأخلاقية...)
- تجمع سكاني: بفعل استقرار مواطنين وقبائل من مناطق مختلفة،إما هروبا من بطش المستعمر، أو بحثا عن لقمة العيش.
غير أن بداية، السبعينات من القرن الماضي سيعرف الطنطان تدخلا أمنيا عنيفا في حق شباب ثائر،انتهى بهم المطاف إلى التمرد و تأسيس جبهة (تجمعهم و تمثل جزء لا يستهان به من صحراويي الداخل و الخارج) امتدادا لأحداث الزملة التي عرفتها العيون ضد الظلم و القهر و نهب الثروات.
و مع نهاية السبعينيات سيحدث الاهم تمثل في هجوم عسكري بواضحة النهار من قبل جبهة البوليساريو، و هنا يبدأ بالملموس أن خيوط المؤامرة قد حيكت (مهما كانت الأسباب أو الجهات ) سواء بطبخة عسكرية بين المسؤولين الأمنيين للطرفين، أو احتمال قوة قوات البوليساريو و ضعف ترسانة و تعداد الجيش المغربي، غير أن الاحتمال الثاني يظل غير مرجح تماما.
ليتوالى مسلسل المؤامرة الأمنية باعتقالات سياسية في صفوف شباب الإقليم من هنا و هناك، بمبرر أو بدونه بداية الثمانينات تتمة للمشروع الذي بدأ منتصف السبعينات، بعدها سيعرف الطنطان استقرار أمنيا بعد القاعدة العسكرية طبعا التي شهدها ، دون أن ننسى العلاقات المتجدرة بين حكماء و أفراد القبائل المستقرة آنذاك.
غير آن المؤامرة سيتم تغيير خطوطها بعد هجرة نسبة مهمة من الساكنة الأصلية، و عقب استقرار أعداد كبيرة من ساكنة شمال المدينة باختلاف تلاوينهم بداية التسعينيات و الألفية الثالثة ، و تمشيط تام للحركات الاحتجاجية السلمية المدافعة عن الوضع الاجتماعي و الحقوقي و السياسي بالمنطقة ، لتسايرها ظاهرة غريبة متمثلة في حمل الأسلحة البيضاء (السيوف) في مشهد داراماتيكي لترويع المواطنين والأسر وتكثيف جرائم السرقة والاغتصاب وأحيانا أمام أنضار رجال الآمن ، وهنا يطرح أمران إما أن:
- المؤامرة مقصودة ومدبرة وهنا استدل برأي أحد قياديي نقابة معينة ، بما معناه أن المخزن يساوم الأمن والاستقرار مقابل عدم الخوض في ملفات حقوق الإنسان ، الفساد ، الهشاشة ...
- قوات الأمن الإقليمية غير قادرة على مجابهة الظاهرة والقضاء عليها ، والتي تعود بنا للزمن الجاهلي مع اختلاف طبعا في الهداف ...
من جانب أخر هناك الفهم المغلوط لبعض رجالات الأمن في مسألة ( الشرطة في خدمة الشعب ) وخاصة ما يحدث مع المعطلين ، أو ما حدث مؤخرا مع أحد مشجعي الرياضة بالإقليم بعد تعرضه للضرب المبرح من قبل رجال الأمن .
ولكن عند تجميع المعطيات يتبين أن القضاء أيضا يساهم في المؤامرة بالتساهل مع المجرمين عند النطق بالحكم ، وتلكم قضية أخرى تستلزم حيزا خاصا .
وإلى مؤامرة قادمة
اسليمان العسري