النافذة الثقافية والأدبية
|
|
|
 |
| |
|
الأرنب و السلحفاة ... المغرب والبوليساريو
أضيف في 05 مارس 2016 الساعة 26 : 12
الصحراء اليوم : رأي
لا أحد ينفي أهمية التخطيط، وكذلك الدور الذي تلعبه الدراسات والبحوث في كافة المجالات، وليس للمجال الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي السياسي، أن يحيد عن هذه القاعدة، وينفي بذلك دور الدراسات والبحوث في بلورة التوجهات العامة وما تلعبه من دور مهم في اتخاذ القرارات السياسية الكبرى، بل يرجع إليها الفضل في اتخاذ إجراءات استباقية، تحول دون الإخفاقات أو على الأقل تقليل الخسائر أو الحد منها. وتحضر هنا كدليل وزارة الخارجيّة، بما لديها من إمكانيات، عبر مراكز الدراسات التابعة لها، والمؤتمرات الدورية التي تعقدها، زيادة على ما توفره البعثات الدبلوماسيّة، من عمل استخباراتي، وسياسي يهدف بالأساس إلى حماية مصالح البلد والدفاع عن توجهاته السياسية. غير أن المتتبع لواقع السياسة الخارجية المغربية، لا يسعه إلا أن يستحضر قصة السباق الشهير الذي جرى بين الأرنب والسلحفاة، فالكل يعرف النتيجة الحتمية والغير منطقية للسباق، فقوانين الطبيعة والإمكانيات التي يتوفر عليها كل مرشح تصب في صالح الأرنب. وللتوضيح أكثر، لا يمكن لأحد أن ينكر أن المغرب كدولة قائمة، وتتوفر على كل المقومات، ومعترف بها من أغلب دول العالم، بل ولديها، بعثات دبلوماسية تغطي مشارق الأرض ومغاربها، وباحثين متمرسين، ولوبيات وجماعات ضغط قريبة من مراكز القرار العالمي، وهي إمكانيات تضاهي ما يتوفر عليه الأرنب وما جادت به الطبيعة الأم من سرعة كبيرة وخفة في الحركة ودقة في السمع. بالمقابل تفتقر جبهة البوليساريو قطب الصراع الآخر، للإمكانيات اللازمة للتحرك والعمل السياسي فهي تعاني من قلة الاعتراف الدولي، وحتى إن وجد فهو غير كامل، ولا يتيح إمكانية كبيرة للمناورة، مع ما يرافق ذلك من نقص في الموارد المالية والبشرية، التي يتوفر عليها المغرب، هذا الضعف والنقص يقابله الكثير من البخل والتقتير جعلت السلحفاة المسكينة، كعدد الصفر في معادلة السباق الغير عادل أصلا. فما الذي جعل السلحفاة تسبق الأرنب رغم استحالة الأمر من حيث المنطق وقوانين الطّبيعة، إنه بطبيعة الحال الغرور والتكبر والوثوق من النتيجة مسبقا، والركون إلى تقارير ودراسات ليس لها من شعار سوى "گولو العام زين"، فهذه الثقة الزائدة هي التي جعلت الأرنب ينام قرير العين قبل خط النهاية، معتمدا على عيونه ورجالاته المعتمدين في مختلف العواصم والهيئات الدولية، والتي تؤكد أن السلحفاة، لا ولن تستطيع أبدا أن تسبق الأرنب. غير أن هذه الإغفاءة، طالت أكثر من اللازم، بل لنقل أنها لازالت تكرر مرات عديدة مما سمح للسلحفاة البطيئة بالمرور أكثر من ذي قبل، بل بلغ به الأمر إلى حسم السباق، في أماكن لا يتوقع تواجد السلحفاة فيها، بل كانت تعتبر، مرتعا ومسكنا حكرا على الأرنب بشهادة التاريخ والجغرافيا، وتؤكده الاتفاقيات المبرمة في العديد من المجالات. فكيف يمكن أن نتقبل قرار الاتحاد الأوربي بإيقاف استيراد المنتجات الفلاحية من الصحراء، ونعتبره قرارا مفاجئا، أين العاملين في مجال التمثيل الدبلوماسي، لماذا لم ينتبهوا لإرهاصات القرار؟ كيف غابت عنهم تحركات السلحفاة رغم ثقلها؟ أين أصدقائنا في الجانب الأوربي؟ لا يقتصر الأمر على الفشل في توقع هكذا قرارات، بل إن الأمر يتعداه إلى تكرار أمر الإغفاءة والنوم، بعد كل مرحلة سباق خاسرة، لنكرر نفس الأخطاء ونبقى حبيسي، مرحلة ردة الفعل التي غالبا ما تتسم بالتسرع والتخبط، لنفرح بانقشاع غيوم المشاكل العابرة، لنخلد إلى أسرة النوم الدافئة، في انتظار "فعفعة" جديدة نستفيق على إثرها لنجد أن السلحفاة قد اجتازت خط النهاية.
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم تجنب التعاليق الطويلة
أي تعليق يتجاوز 200 كلمة لن يتم اعتماده
أي تعليق يتضمن سبا أو إساءة لن يتم اعتماده
البريد الإلكتروني للجريدة
[email protected] اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|