حيكت خيوطها ولا زالت ضد مدينة النضال والحرمان(الطنطان)من جهات مختلفة:مسؤولين،منتخبين،رجال سلطة...ولن نخوض في التفاصيل بقدر ما سنلامس خطوطها العريضة.
المؤامرة الخامسة:الاعتقالات
إن أشد ما يمكن أن يتعرض له الإنسان وهو يعيش(الحياة)كبت حريته وزجه في غياهب السجون،والطنطان ليس الوحيد الذي حيكت خيوط هذه المؤامرة الخبيثة ضده،فباقي مدن المغرب تعرضت لنفس موجة الاعتقالات،منذ سبعينيات القرن الماضي وكذا ثمانينياته،فهذه الاعتقالات السياسية التي مارستها أجهزة المخزن القمعية خدمة للنظام آنذاك في صفوف أعداد كثيرة من الشباب،فقط لأنهم يطالبون بالعدالة والمساواة والحرية،وكذا ممارسة حقوقهم المشروعة والمنصوص عليها دوليا،لدرجة لم يسلم بالطانطان أطفال الثمانينات(والذي كنت واحدا منهم)من الإرهاب النفسي على إثر هذه المؤامرة ،والديماغوجي على مختلف شرائح المجتمع الطنطاني،خاصة الشيوخ والنساء آنذاك(لقد عشنا طفولة كلها خوف وترهيب،كما تولدت لدينا عقدة من الآخر_البوليساريو_وصوروهم لنا على أنهم أوباش،مجرمون،قاطعو الرؤوس...)الأكثر من هذا أتذكر أيضا مجرد الإنصات لإذاعة الجبهة يعد جريمة لا تغتفر،لنقل مجرد الدنو من ترددها عند تحريك زر الراديو ممنوع،ومن شدة الخوف يقوم بعضهم بتعليق صور الملك وبقية الأسرة_الكريمة_...
وبعد استبشار المجتمع خيرا،إثر إخلاء المعتقلات المخزنية الرهيبة منتصف التسعينيات وتعويضهم ماديا_جبر الضرر_تحركت آلة الإعتقال مجددا على أساس آنها لن تتعطل مستقبلا،ليتم اعتقال نهاية القرن الماضي مجموعة مناضلين وحقوقيين صحراويين شرفاء(ما يسمى بالخلايا)،وفي نفس الوقت صاحبتها عملية التوضيفات المباشرة لتهميد الوضع،وقد كنت كتبت حينها:
لا لتوضيفات قبلية بعد اعتقالات سرية
لا لحكومة تناوبية تقمع الفكر والحرية
أي شرع حق يسمح لذي العقول الحجرية
بنهج سياسة الاخت طاف وبصفة دورية
نحن قوم لنا مبادئ. ومعتقداتنا جوهرية
تجعلنا نصمد ضد. الأعمال شبه هتلرية
لتستمر الآلة اللعينة في عملها الهستيري وتعتقل يمنة ويسرة في العشرية الأولى من هذه الألفية مجموعة أحرار ثائرين ومدافعين عن حقوق الإنسان ،خاصة حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره،فيزج بهم في السجون الرهيبة وبأقصى العقوبات،وعلى رأسهم المناضل الشرس يحيى محمد الحافظ إعزى،صاحب المواقف التي لا تقبل المساومة،والغريب في التشريع المغربي أن يتم الحكم عليه ب15سنة ضدا على مواقفه البطولية والشجاعة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان،وكذا إيمانه بمشروعية قضية الصحراء الغربية،فهذه مؤامرة مهندسة باحترافية من طرف المخزن وآلياته الجبانة.
وأذا كان يحيى محمد الحافظ يقبع بالسجون المغربية ظلما وعدوانا في غياب محاكمة عادلة،لعدم توافر الأدلة والشروط الفعلية للمحاكمة واغفال الإعمال بالمواثيق الدولية،فإن المخزن نجح بالفعل في لجم أفواه الكثير من أبناء وشباب الطنطان بخصوص(قضية الصحراء الغربية)برغم إيمانهم القوي بها،اضافة إلى امتناع السلطات الإدارية الشديد عن تمكينهم من تأسيس جمعيات ومنظمات للدفاع عن حقوقهم في هذا المجال.
فإلى متى سيظل المغرب يقمع حريات وحقوق أبناء وشباب الطنطان؟
ومتى ستتعطل آلة الاعتقال المزمجرة؟
وهل سيظل أبناء الطنطان الثوار مكتوفي الأيدي؟ وإلى مؤامرة سادسة.
أسليمان العسري