الصحراء اليوم:رأي
مباشرة بعد اللقاء الذي ترأسه فعليا مستشارون من الديوان الملكي ، وشكليا رئيس الحكومة وحضره أمناء الأحزاب ، اللقاء الذي خصص لتدارس مستجدات قضية الصحراء على ضوء تحركات دولة السويد . سارعت – الأحزاب – إلى إصدار البيانات و الإدلاء بالتصريحات التي تدين و تشجب القرارات السويدية معتبرة إياها بالمنحازة و المعادية لمصالح المغرب ، كما قررت الحجز لوفودها بالفنادق الفخمة و التي ستسافر إلى السويد للقاء المسؤولين هناك للتعبير عن وجهة نظر المغرب في الموضوع .
أمر طبيعي أن تتحرك الأحزاب ضد أي عمل معاد لبلدها ، لكن ليس بالطبيعي أن لا تبادر إلا عندما يطلب منها ذلك ، مما يكشف أنها لا تمتلك سلطة القرار و غير مسموح لها بالخوض في ملفات إلا عندما تتلقى الأوامر بذلك ، ما يضعنا أمام حقيقة المشهد السياسي المغربي و الذي لا تعدو مكوناته غير أثاث يزين فضاء دار المخزن و متحكم فيها بشكل لا يتصور .
الأحزاب المغربية التي تدعي تمثيل الشعب بغرفتي البرلمان و تسير الحكومة و المجالس الجهوية والجماعية و تملك برامج سياسية ترمي إلى النهوض بأوضاع المغرب شعبا و مؤسسات ، إلا أن الواقع يفند ذلك و يكشف الحقيقة التي تفيد أن الأحزاب المغربية ما هي إلا دمى يحركها المخزن وفق ما يخدم مصالحه و الدليل على ذلك الانتخابات الأخيرة التي مرت كسابقاتها التي زكت المرشحين الفاسدين و استعمل فيها المال لاستمالة الناخبين دون حسيب ولا رقيب و أنتجت تحالفات لا أسس مرجعية لها ، ... مظاهر كلها تبرز مدى إفلاس الأحزاب المغربية لولا حياد المخزن السلبي و دعمه الخفي لها للحصول على نتائج على المقاس وفق أجندات مسبقة ، مما يجعله الفاعل الأساسي و صاحب القرار الأول والأخير و المتحكم في كل الملفات الكبرى والحساسة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا .
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ، ماذا ستقدم هذه الأحزاب المفلسة لإقناع السويد بالتراجع عن ما تعتزم اتخاذه من قرارات بخصوص النزاع حول الصحراء ؟ بماذا سيجيب الساسة المغاربة المتسلحون بسنفونية العام زين و المغرب البلد الديمقراطي ، بلد الحريات والمؤسسات عندما يسألهم نظراءهم في السويد ؟ عن الواقع المزري للحريات العامة ؟ عن التراجع الخطير لأوضاع حقوق الإنسان ؟ عن المختطفين و مجهولي المصير ؟ عن المعتقلين السياسيين ؟ عن التعذيب الممنهج ؟ عن الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الحركة الحقوقية ؟ عن أوضاع المغاربة في القرى والأرياف و فصل الشتاء على الأبواب ؟ عن الفساد الذي ينخر المؤسسات والإدارات العمومية ؟ عن تفشي الرشوة و الزبونية و المحسوبية ؟ عن الحق في العلاج ، و كيف شاهد العالم المغربيات تلدن أمام المستشفيات و المراكز الصحية المغلقة في وجوهن ؟ عن حرية الصحافة ؟ عن المهداوي و أنوزلا و لمرابط وآخرون ؟ عن مشروع خوصصة قطاعي التعليم والصحة ؟ عن معدلات الفقر والبطالة والأمية والجريمة ؟ عن الفرق بين ابن الوزير و ابن الغفير ؟ عن الفرق بين مغاربة اكدال والرياض وكيليز و عين الذئاب و مغاربة سيدي مومن وسيدي يوسف و العكاري و انفكو وبومية و عين اللوح ؟ و ربما حتى عن مصير الحجاج المغاربة ؟؟؟؟
أسئلة سيعتذر الساسة المغاربة عن الإجابة عنها ، فحرقة السويديين على أوضاع المغاربة و السؤال عنها ، أخذت الكثير من الوقت حتى حان وقت الطعام و بعدها تسوق وجولان و بعد ذلك سهر وترف ونسوان . فالساسة المغاربة يدركون حقيقتهم و حقيقة سفرياتهم و مهامهم التي تندرج في إطار مسرحية لتوزيع الدم على كل الأطراف أحزابا و هيئات مجتمع مدني و شعبا و تحميلهم جميعا مسؤولية ما ستقرره السويد ، فتحركات الأحزاب ماهي إلا مقدمة للعديد من التحركات التي أعدها سلفا أصحاب القرار الفعليين .
بقلم : الخليفة الكيروف