الصحراء اليوم-خ-ب طانطان
لم يكن أشد الدبلوماسيين تشاؤما في وزارة الخارجية المغربية يتوقع أن يتغير موقف الولايات المتحدة بخصوص نزاع الصحراء إلى درجة وضع مقترح أمام مجلس الأمن يوصي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو بالإقليم لتشمل مراقبة حقوق .
المغرب الذي لطالما تفاخر بعلاقاته التاريخية ببلاد العم سام بكونه من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، لم يأل جهدا في تقديم كل ماأمكن من الخدمات السياسية والعسكريةوالإقتصادية ...، لحكام البيت الأبيض لتمتين هذه العلاقات الثنائية وتعميقها، فكان من أبرز جهوده مالعبه خلال ماسميبالحرب على الإرهاب فمنذ الحادي عشرمن شتنبر 2011، انخرط بقوة في الإستراتيجية الأمريكية حيث استقبلت أراضيه غيرما مرة معتقلي معسكرغوانتانامولإستنطاقهم وإعادة التحقيق معهم، إضافة إلى تعاونه التام في مجال الرصد والمتابعة التي كانت تقوم بها عناصر وكالة الإستخبارات الامريكية للخلايا التابعة لفرع القاعدة بشمال إفريقيا وغيرها من الجماعات المسلحة، ناهيك عن التعاون العسكري المعلن عبر المناورات العسكرية المشتركة التي تجريها القوات المسلحة الملكية إلى جانب قوات المارينز بمصب واد درعة بضواحي مدينة الطنطان والتي تعتبر حسب بعض المتابعين مرحلة أساسية يتلقى فيها الجنود الأمريكيون آخر التداريب والتوجيهات قبل التوجه إلى بؤر التوتر المشتعلة كأفغانستان والعراق خلال فترة الإحتلال .
على المستوى الإقتصاديوقع المغرب سنة 2004 اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة والتي بموجبها فتح السوق المغربي على مصراعيه أمام المنتجات الأمريكية، في انتظاررفع الحواجز الجمركية تدريجيا وبشكل كامل عن الرساميل والخدمات وكافة الأنشطة التجارية الأخرى بين البلدين، وبهذا أصبح المغرب ممرا رئيسياللسلع الأمريكية نحو القارة الإفريقية، رغم ما مثله ذلك من مغامرة بالعلاقات الإقتصادية المغربية-الأوربية وخاصة الأضرار التي قد تلحق الشريك الأول للمملكة والحليف القوي للرباط، فرنسا.
معطيات ربما أوحت لصناع القرار بالمغرب بأنه سيضمن حيادا سلبيا للقوة العظمى في العالم في ملف الصحراء، هذا إن لم يكن توقعمن خلال التصريحات المشيدة بمقترح الحكم الذاتي لهيلاري كلينتون وبعض أعضاء الكونريس بكونه تعاطف غير معلن للأمريكان مع الطرح المغربي .
توقعات لم يهنأ المغرب طويلا بالإنتشاء بها، ليفاجأ بمندوبة الولايات المتحدة وهي تتحدث عن ضرورة مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء من طرف الأمم المتحدة،وعن وضعها لمقترح أمام أنظار مجلس الأمن بهذا الشأن، وهو مايعني أن كل الجهود الدبلوماسية والخدمات الإقتصادية والعسكرية التي بذلها المغرب لتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة لم تجد نفعا، وأن المغرب لا يحظى بتلك المكانة الخاصةوالحليف الإستراتيجيالمهم التي كثيرا ماروج لها الإعلام الرسمي بالمملكة، وإلا لما أقدمت السيدة سوزان رايس على أي تصرف من شانه الإضرار بهذا الحليف .
وإن كان المغرب في النهاية قد استطاع التوصل إلى توافق ما ؟ سحبت بموجبه الولايات المتحدة مقترحها لدى مجلس الأمن القاضي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو، فالأكيد أن هذا التطور سيشكل منعطفا جديدا في تاريخ النزاع، فمما لاشك فيه أن الأيام المقبلة ستعرف المزيد من المظاهرات و الاحتجاجات المناوئة للمغرب يواكبها تحرك العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية الدولية الحكومية وغير الحكومية لرصد ومراقبة مدى احترام المغرب لتعهداته والتزاماته بعدم المساس بحقوق الإنسان بالصحراء.