الصحراء اليوم:رأي
بداية أريد أن أوضح أنني لا أبتغي من وراء هذا المقال إلا أن أسلط الضوء بما أمكن على فئة بئيسة مقهورة من ساكنة كليميم، تحتمل تسونامي الفساد وتتكيف مع ثقافته، وهو لا يملك من القوة - أعني هنا بالقوة السلطة السياسية والثروة - إلا ما منحته أو ما نهب، وما كان لرموزه أن يتحولوا من سفهاء القوم إلى ديناصورات وذئاب في عالم المال والأعمال؛ لولا ابتلاع الساكنة لألسنتها وعدم محاولتها كسر حاجز الصمت والخوف، واكتفائها بالصبر الذي ليس له حدود، أو عن طريق تقديم الفتات لبعض مخروطي الرأس لاعقي الأحدية لتكريس العجز.. وهو ما يضع وعينا الجماعي أمام السؤال التالي : ألم يئن الأوان لأن نستفيق من سباتنا ونحرر العقل الوادنوني من عقاله، كخطوة أولى للقضاء على بنية التشكيلة العصابية التي أنهكت الحرث والنسل بواد نون، وسيطرت على وعي بعض أبنائه، وحولتهم إلى قطعان بشرية يفكر عنها وتقاد ويستبد بها؟
إنه لأمر جلل حقا أن تغل أعناق الوادنونيين دون أن ترغمهم على ذلك قوة أكبر من قوتهم، لاسيما وأن الإرادة الملكية - ولو على مستوى الخطاب - تتماشى مع أحقية المغاربة في التحرر من لوبيات الفساد، بعد طرح سؤال أو تساؤل : أين الثروة ؟؟؟ الذي تفاعلت معه الضمائر الحية على امتداد خريطة الوطن عموما، وخريطة وادنون على وجه الخصوص، وحاولت الإجابة عنه بالكشف عن مصير ومكان 174 مليار منهوبة من مدينة كليميم التي لم تجد بعد من معقولية لخطاب 7 دراهم، ومن معنى لعبارة "أعتز بمغربيتي" في ظل إعاقة العدالة، والإجرام في حق الناس والمجتمع، وترسيخ ظلم اجتماعي يتحدى مشاعر الساكنة ويستفز وجدانها، لوجود خيوط سرية وسراديب خفية تصل بين أولئك الذين يسهرون على تسيير الشأن المحلي بكليميم من جهة، وبعض الشخصيات الكبرى في قمة جهاز الدولة السياسي والتشريعي والأمني من جهة ثانية، سراديب تكون مافيا للجريمة المنظمة كتلك التي عرفها التاريخ في صقلية وجنوب إيطاليا.
وإنه ليصعب إيجاد كلمات تكفي للتعبير عن قبح تخبطات فئة مخروطي الرأس لاعقي الأحدية، فاللغة تعجز عن تسمية ما حاولت هذه الفئة تمريره في سياق الندوة التي نظمتها جمعية الخيمة الدولية بهولندا ، بتنسيق مع لجنة المدافعين عن حقوق الإنسان ، وجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بكليميم ، تحت عنوان "إشكالية تدبير الشأن العام المحلي بالمغرب .. كليميم نموذجا" بتأطير من الأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، والتي عرفت حج ساكنة وادنون كبارا وصغارا، ذكورا وإناثا ، إضافة إلى فئة مخروطي الرأس المحسوبين على رئاسة المجلس البلدي، والذين حاولوا إفشال الندوة القيمة التي أبانت بحق عن حجم الفساد ونهب المال العام الذي تعمق واتسع وتكثف بمدينة كليميم، وحولها إلى أرض مزروعة بثقافة الفساد، هذه الفئة من مخروطي الرأس، العديمي المحتوى، المستحمرين من طرف راعي الفساد، نهقت وعربدت وهي في حالة سكر طافح، وحاولت تسويق خطاب يتحرك عكس عجلة التاريخ الذي سيسحقهم لا محالة، ويتركهم غبارا يتناثر في أرجاء الكون الفسيح.
وقد عبرت إحدى لاعقات الأحدية ، سفيهات الأحلام، إماء فرعون وادنون، على أن كليميم ليست بالمنطقة المنكوبة، متحدية الواقع والتاريخ هذا من جهة، كما حاول البلطجي ب. سيد أحمد الملقب بالعائد السارق (نظرا لسوابقه في السرقة والتي أدت إلى فراره من مخيمات لحمادة خوفا من المتابعة) أن يشعل نيران الحمية الجاهلية بتسويقه لخطاب قبلي أحيانا ونعته ساكنة وادنون بالمنافقين أحيانا أخرى، لا لشيء إلا لكسب رضا سيده ابن الفقيه الذي يحركه كعروس من خلف الكواليس، والذي يعده بمزيد من فتات اقتصاد الريع إلى جانب بطاقة الإنعاش الوطني التي مُكن منها بعد هروبه من المخيمات سارقا ذليلاً، وارتدائه لقميص العائدين لحضن الوطن، وهو لا يعدو أن يكون غائط تغوط في فيافي الصحراء و تشرب الخيانة، ثم جاء لينفث سمومه بين سكان حاضرة وادنون، هذه السياسة القذرة التي حاول أبو نهب تمريرها عن طريق بعض المصرين على البلاهة، تتلخص في قول المهلب : "لأن يطيعني سفهاء قومي ، أحب إلي من أن يطيعني حلماؤهم".
إلا أن إرادة أحرار وادنون وحلماؤهم الذين يفكرون بحرية ويشاهدون الأشياء بوضوح وبصيرة فعلية، ويمارسون بأنفسهم الكشف والتحليل والتحقيق، أبت أن لا تنساق وراء السفهاء لتستمر الندوة التي أسقطت ورقة التوت التي تستر عورة البومبيس، وزادت من تعريتها أمام الساكنة التي وقفت في ذهول أمام المعطيات والحقائق التي قدمها السيد محمد طارق السباعي عن حجم الفساد ونهب المال العام بمدينة كليميم، والذي حولها من منطقة منهوبة إلى منطقة منكوبة، بل إلى مدينة عائمة فوق واد "أم لعشار" بعد اقتطاع أجزاء من الواد لصالح مافيا العقار والترامي على الملك العام، مكرسة التمزق والمعاناة التي تتضخم في صمت وتستر رسمي، فرغم فداحة الكارثة لم يفتح بعد تحقيق جاد ومسؤول في ملفات الفساد التي أصبحت رائحتها تزكم الأنوف، ليستمر مسلسل محاولة تزييف وعي الساكنة بتصوير الصراع الذي تعرفه المدينة، كصراع بين أشخاص أي بين الوالي "محمد عالي العظمي" ورئيس المجلس البلدي "عبد الوهاب بلفقيه"، في حين أن واقع الحال يقول أن الصراع هو بين ساكنة وادنون من جهة، ولوبيات الفساد من جهة أخرى، اللوبيات التي تكون شبكات مصالح تتنازع فيما بينها أحيانا وتتناغم أحيانا في توزيع المزايا والغنائم أحيانا أخرى.
أمام هذا الواقع البئيس الذي تتصدره مسوخ الفساد، يجب الوعي بأن الأسوأ من الفاسد حاميه، والأخطر من الفساد بيئته الحاضنة، لذا يجب على أحرار وادنون توحيد الصف في قلب حركة الشارع الوادنوني لكشف المغالطات والزيف وتعرية الوجه القبيح لمن تحول من عامل بمحطة وقود إلى ذئب وديناصور في عالم المال والأعمال عن طريق نهب مقدرات المدينة، ويجب فضح المتواطئين والذين يعملون على التطبيع معه، والذين يختزلون المعركة ضد الفساد كما سبق الذكر في العظمي وبلفقيه، ويأملون توقف المعركة واضمحلال الأصوات الحرة بنقل السيد الوالي الذي أبان عن انحيازه لهموم ساكنة وادنون ولم يرضى بالتطبيع مع الجدر الأساسي للفساد بكليميم، إلى جهة أخرى، واستقدام أحد الولاة الذين يباعون ويشترون كأي سلعة من السلع، وعند انتهاء مدة صلاحيتهم يرمون كما ترمى حفاضات الأطفال "بومبيرز" .