لا شك ان المتتبع لخطابات الملك محمد السادس منذ توليه إدارة الحكم بالمملكة المغربية سيقف عند التطور الكبير الذي طبع أسلوب خطبه إذ يمكننا القول أنه دشن لجيل جديد من الخطب الملكية انطلق تحديدا منذ خطاب 9مارس 2011 الذي بمقتضاه عرف المغرب دستورا جديدا لازال النقاش السياسي مستمرا حول السبل الكفيلة لترجمته من مستوى الوثيقة الدستورية لمجموعة من القوانين والمراسيم التطبيقية .التي بها يمكن للمواطن أن يستشعر معها وضوح علاقة الحاكم بالمحكوم .
خطاب الملك ألأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء جاء في سياق سياسي تشهده قضية الصحراء يتسم بمعارك دبلوماسية غاية في التعقيد وتعدد الواجهات إضافتا لكون الخطاب أيضا جاء في ضل ارتفاع وتيرة ألأزمة السياسية المستمرة مع دولة الجزائر .وجاء أيضا مباشرتا بعد خطاب الملك بمناسبة افتتاح الدورة الجديدة لمجلس النواب والذي تضمن إشارات واضحة للظرفية الصعبة التي تمر منها قضية الصحراء .على المستوى الداخلي جاء خطاب المسيرة ومدن الصحراء تعيش على صفيح ساخن من الاحتقان الاجتماعي الذي يتطور في أحيان كثيرة ليأخذ أبعادا سياسية نتيجة انعدام الثقة التي أضحت قاعدة عامة لتعامل السلطات المحلية بالصحراء مع أي حراك سواء كان اجتماعيا آو حتى ثقافيا فهاجس القرأة السياسية أصبح مسيطرا بشكل يكاد تعميمه حتى على مسابقة في فن المطبخ الصحراوي .
أكيد أن الانتظارات كانت اكبر مما جاء به الخطاب ربما لتأثره بالأحداث والسياقات المشار إليها أعلاه وربما أيضا ان هناك ظرفية اقتصادية لأتسمح اليوم للدولة بمبادرات كبيرة يمكن معها تلبية المطلب الاجتماعي بالدرجة الأولى والذي يعتبر وقود جميع الأحداث التي عرفتها الصحراء منذ أحداث 99 إلى غاية مخيم اكديم ازيك بغض النظر عن القرأة السياسية لهاته الأحداث والتي يمكن لنا تناولها من زاويات مختلفة ليست بالضرورة مختصرة على اعتبارها من فعل انفصالي الداخل كما يحلو لبعض الباحثين عن التحاليل المبسطة اختصار المسالة في هذا الشق فقط .
قضية حقوق الإنسان .الهجرة .تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي .رسائل للجزائر .البعد الإفريقي للصحراء .هذه أهم المحاور التي تناولها الخطاب الملكي .
وإذا كانت خطابات الملك وتوجيهاته وملاحظاته وحتى انتقاداته مسيجة بقوة رمزية المؤسسة الملكية باعتبارها مؤسسة دستورية لها ثقلها السياسي والديني .
فما محل خزعبلات صديقنا توفيق بوعشرين في مقاله الافتتاحي بجريدته الغراء ليوم الجمعة 8 نونبر 2013 عدد 1211.المعنونة برسائل الملك إلى الداخل والخارج .حيث أن صاحبنا الصحفي المحترف لم يترك الفرصة تمر كعادته خصوصا عندما يتعلق الأمر بالصحراء فوجه توجيهاته وتعليماته لنخب واعيان الصحراء حسب تعبيره بضرورة التصرف كمواطنين مغاربة كما أن عليهم المساهمة في إدارة هذا الصراع كما تفضل بوعشرين بالقول أن النخب والأعيان والقبائل بالصحراء عليهم أن يتوقفوا عن التصرف كمن هم في قاعة انتظار كبيرة وان عليهم أن يتصرفوا إما كمغاربة و وحدويين وإما أن يعلنوا اختيارات أخرى ويتصرفوا بمقتضاها واختتم صحفينا المحترف بقصة الأعرابي أيام الحرب والسلم والتي يستشف منها أن المعني أو المعنيين بالأمر يتسمون بنوع من النفاق .
الملاحظة العامة حول تناول هذا الصحفي للموضوع تحيل لتصور يتمثل في أن
صديقنا بوعشرين منخرط في توجه يراد منه تملص مسؤولية الدولة عن إنتاج هذا الوضع من خلال تدبيرها السياسي والاقتصادي منذ 1976 إلى اليوم والدفع بمسببات هذا الفشل لما يسمى بأثرياء الحرب واختصارهم فقط في تلك الفئة القليلة من الصحراويين التي أتقنت التعامل مع الوضع بالصحراء فاستفادت منه بشكل كبير جدا .هذا التصور يريد أن يخفي أن مصطلح أثرياء الحرب لا يختصر فقط على هؤلاء بل يتعداه إلى عدد من المسئولين الترابيين الذين تناوبوا على تدبير الشأن المحلي كولاة أو عمال أو قياد أو باشاوات وكلهم ينتمون إلى مناطق الشمال ليبحث عن الصحفي بوعشرين عن الصفقات التي تم إبرامها في سنوات خلت وليبحث عن حقائق توزيع ألاف البقع الأرضية على عهد الوالي حسن وشن والوالي السعداوي والوالي الكراوي والباشا الكرواني .
دعك من هؤلاء وليبحث صحفينا المحترف عن أسماء الشركات التي تتخذ من مدن الصحراء عناوين لها فقط بينما أنشطتها الاقتصادية محصورة على اكادير والدار البيضاء واتخاذها لمدن الصحراء كعنوان يراد منه فقط التهرب الضريبي وسنكون سعداء لو تفضل احد الصحافيين بنشر أسماء أصحاب هاذه الشركات لتتضح الصورة بشكل أدق حتى لا يبقى من يختبئ فقط وراء بلاوي بعض المحظوظين من الصحراويين .
دعك من هذا أيضا ولنبحث في لوائح المستفيدين من تجارة ما يصطلح على تسميته بالزون أي السكر والدقيق والزيت المدعم وكيف كنا نجده يباع في أسواق الأحد باكادير و وصل حتى لسوق درب السلطان بالدار البيضاء إضافتا للمتاجرة في زيوت وبنزين السيارات المخصص للجيش هذه جرائم في حق الوطن على الصحافة التي تدعي الاستقلالية التقصي فيها والبحث عن الحقيقة وتسمية الأشياء بمسمياتها لا أن نرتكن فقط الإعطاء دروس الوطنية للصحراويين والإطلالة عليهم من برج نافذة جريدة قصد وضع اختيارين أمامهم ..إما ..و..إما ....
فلتة لسان توفيق بوعشرين والفلته لها مدلول ومعنى أخر باللهجة الحسانية التي اقترح على صحفينا المحترف الاطلاع على هذه الثقافة الحسانية الغنية بأشياء كثيرة ربما تتضمن إجابات عن ما يبحث عنه بوعشرين أو غيره خصوصا وان هناك اليوم تحضيرات إلى اعتماد الحسانية بالمقررات الدراسية الشيء الذي ربما يمكن من فهم قيم التفكير لدى الإنسان الصحراوي المتسم بشساعة الأفق الفكري بحكم طبيعته الشاسعة التي لا تعترف بالحدود .
خلاصتي الشخصية هي أننا عندما ندعي وجود أثرياء حرب في الصحراء فالجميع متفق على ذالك ولكن ليسو فقط صحراويين بل ربما يمثل فيهم الصحراويين القسط القليل جدا .وحينما ندعي أو نقول بضرورة مراجعة الهاجس الأمني التشكيكي الذي طبع سلوك الدولة لسنوات خلت في تدبيرها لهذا الملف فيجب بالمقابل مراجعة نظرة بعض النخب بشمال المملكة، الإنسان الصحراوي واعتباره مواطنا كامل المواطنة وليس عنصرا من عناصر أسباب الأزمة وغلاء المعيشة بمدن أخرى .عندما يتوجه الصحفي المحترف بوعشرين لنا كصحراويين بضرورة المساهمة في تدبير ملف الصحراء عليه أن يكون قد امتلك الجرأة سابقا لقول هذا للدولة التي احتكرت هذا الملف ولم تسمح حتى الأحزاب السياسية بذالك فما بالك بسكان الصحراء الذي اقتصر دورهم لسنوات طوال في التصفيق للوزراء أثناء زيارتهم للعيون أو لغيرها ولتأثيث مؤتمرات الأحزاب السياسية بالصفوف الأمامية حتى تلتقط كاميرا دار لبريهي رجال يرتدون الدراعة ونساء يرتدين الملحفة هكذا كان الدور ويكاد يستمر .
عندما يتوجه بوعشرين لنخب واعيان وقبائل الصحراء بان عليها أن تحسم اختيارها فذاك نوع من العبث في تقدير الأمور ألان من يريد أن يعبئ الناس حول مشروع أو قضية عليه أولا أن يغترف بفشل تدبيره للقضية وعليه أن يجسد تغيير نمط تفكيره عبر مقدمات ميدانية من شانها إعادة بناء الثقة المفتقدة لا أن نطالب من الأخر بان عليه أن ينخرط بدون شرط أو قيد في شيء هلامي غير واضح المعالم فقط باسم الوطنية .مع العلم انه بشعار الوطنية ارتكبت جرائم بالصحراء .فسكان معتقل قلعة مكونة أغلبيتهم ذهبوا ضحية مزايدة البعض بشعار الوطنية فتمت تصفية الحسابات واشتغلت حرب الوشايات فكانت النتائج كارثية على جميع المستويات .
هناك اليوم بالصحراء من المسؤوليين الترابيين من أكاد اجزم أنهم في قرارة أنفسهم يتمنون استمرار الصراع بالصحراء الآن في استمراره استمرارا لنهبهم باسم الوطنية وأكاد اجزم كذالك أن هناك في مستويات عالية جدا من هو مستفيد بشكل كبير في استمرار هذا الصراع نريد أن يتفضل صحفينا المحترف بالبحث عن المكاتب آو المراكز المكلفة بالبحث عن حشد الدعم الأوروبي والأمريكي لمواقف الدولة المغربية على المستوى الخارجي وليقول لنا بأسماء من هذه المكاتب أو المراكز وما حجم ميزانيتها و ماهي سبل مراقبتها وصرفها أليس هؤلاء هم أيضا في خانة أثرياء الحرب بحكم نتائج أعمالهم المتواضعة جدا مقارنتا مع مستوى صرفهم من أموال بالعملة الصعبة .
عفوا توفيق بوعشرين فلتتك هذه خارج السياق وفيها (شويا ديال قلة لحيا).