الصحراء اليوم:رأي - متابعة
تساءل المسرحي الكبير والكاتب الصحفي بون ولد اميده ولد بونا ولد احمد بابه عن إمكانية أن تتخذ إدارة قناة الموريتانية الرسمية قرارا للتاريخ وتقوم بتوقيف ما سماه "المهازل" التي تبث على شاشتها.
وقال ولد أميده في مقال نشره قبل قليل "كيف لنا أن نستسيغَ وجودَ لجنة لاختيار "الأعمال التلفزيونية" ولا يوجد من بينها ممثل للفنانين يدافع عنهم ، أي منطق يجعل "الموريتانية" تفتح الباب للمنتجين وتنافسهم من خلال "أقنعة" و"رموش مستعارة" يضعها مديرون "جَهَلَةٌ" لا يفقهون في الفن شيئا، لقد بلغ السيل الزبى وما عاد الأمر يُطاق، فهل تتخذ إدارة "الموريتانية" قرارا للتاريخ بتوقيف هذه "المهازل" التي تبث على شاشتها؟".
هذا هو المقال:
قبل عشرينَ سنة من اﻵن حملتُ مع كوكبة من الطيبين همَّ وغمَّ التغيير وصناعة فن يحترم اﻹنسان وذوقَ اﻹنسان ، فن ينتمي شكﻼ ومضمونا إلى " الفن الملتزم " فنِّ " القضية ." هاجمتنا معاولُ من حطَّمنا " اصنامهم " في رابعة النهار ، ولم يمنعنا ذلك من التراجع فعِتاق الخيل ﻻ يتولَّى فُرسانها يوم الزحف ، والوطنُ عندنا اكبرُ من شذاذ آفاق ﻻ يمثلون إﻻ انفسهم وفنهم الهابطَ هُبوط اسهُمهم في ساحة الوغى .. تخندقنا إلى جانب الحق وتحققت احﻼمنا حين انتجنا مسرحا يُحْكِمُ العقل ، مسرحا يثير إشكاﻻت وجودية وفلسفية ، مسرحا يسيرُ بك سبﻼ فجاجا وطرائقَ قِددا في عوالم الجمال " الموتى يرقصون " " نهاية دكتاتور " ، " خارجون من المقابر " ، ولم يقتصر عطائنا وطنيا فمارسنا التجلي والتشظي في مسارح العالم وكتبنا بمداد من الرِّفعة اسم وطن يسقيه " فاعلوه " ومن أتمنوا على فعله الثقافي كاسا دِهاقا من العذاب . لم نكتفي بهذا وقادنا اﻹصرار نحو صناعة اعمال تلفزيونية ما يزال الموريتاني يحفظها " اسما " و " فعﻼ " " يومياتُ أسرة " " ورطة في ورطة " و " وجوه من خشب ." فجأة ودون سابق موعد دخلت قوافل من الهُمَّجِ والسُذَّجِ المجَالَ وكانت جرادا ﻻ يبقي وﻻ يذر ،تصدينا لها بالصبر والرفعة ومن كَبِدِ السماء اسَّاقطت تجاربنا فكانت رجوما لشياطينها وادعيائها ، ومع ذلك لم نستطع محاصرة " سرطانها " والنتيجة صرح الرفعة هَوَى ، هُدَّتْ اركانه ، وهاجرتْ الخُيُول .. قد يقول قائل إن هذا بعض هذيان لعزيز قوم ذَل ، والواقع غير ذلك ، إنها صرخة " فاعل " يراد له مع رفاقه أن ﻻ يكون غير راقص يدور في " حفلة عُري " يرغم الموريتاني على مشاهدتها رغم انفه ، وإﻻ كيف يعقل ان تسمح وزارة الثقافة بلعب دور " المتفرج " " السكران " وهي من كان يجدر به كقطاع وصي على الفن أن يكون خطَّ الدفاع اﻻول عن الثوابت والقيم وعن تجربة مُحترمة شهد لها الناس ب " الرُّشد " في زمن " الغَي ." اليست وزارة الثقافة " مسؤولة " – ولو بصفة غير مباشرة – عن مضمون مادة تصنع رأيا عاما وتدخل بيوتاتنا دون استثناء؟ ، أﻻ يجدر بالقيمين على هذه الوزارة أن يضعوا معايير واضحةً يَمِيزُونَ بها بين الطيب والخبيث ويفرقون بين الغث والسمين ؟ إلى متى تبقى الوزارة مكتوفةَ اﻻيدي وهي تشاهدُ موادًا فنيةً تخدش الحياء العام وتسيئ إلى التجربة المسرحية والتلفزيونية في هذا البلد ؟ أم ان الوزارة بتركها الحبلَ على الغاربِ لهؤﻻء الهُمَّجِ تريد تمييع مجال ضحينا في سبيل وجوده بزهرة شبابنا ؟ بالمقابل كيف يسمح تلفزيوننا الرسمي بالتعامُل مع مُنْتِج ﻻ تاريخ له في المهنة إﻻ ما تعلق بأكل حقوق الناس ؟، كيف يقبل تلفزيون " الموريتانية " التعامل مع مُنْتِج له سوابقُ ثقافيةٌ مخجلةٌ ابسطها استغﻼله لوظيفته ومسؤوليته للسفر بزوجته واخته إلى مهرجان للمسرح قصد السياحة ؟ كيف لنا ان نستسيغَ وجودَ لجنة ﻻختيار " اﻻعمال التلفزيونية " وﻻ يوجد من بينها ممثل للفنانين يدافع عنهم ، أي منطق يجعل " الموريتانية " تفتح الباب للمنتجين وتنافسهم من خﻼل " اقنعة " و " رموش مستعارة " يضعها مديرون " جَهَلَةٌ " ﻻ يفقهون في الفن شيئا ، لقد بلغ السيل الزبى وما عاد اﻷمر يُطاق ، فهل تتخذ إدارة " الموريتانية " قرارا للتاريخ بتوقيف هذه " المهازل " التي تبث على شاشتها؟ إن القنواتِ المستقلةَ هي اﻷخرى وهي تتحفنا بأعمال هابطة تعتمدُ المباشراتية والتنكيت التافه وتقدم أوجها بﻼ تجاربَ تشارك وإن على استحياء في تمييع هذا المجال ، وقد آن اﻷوان لتراجع هي اﻷخرى نفسها قبل أن تكون شريكا رسميا لن يرحمه التاريخ يوم " الحساب الفني ." لست ضد دخول أوجه جديدة مجالَ التمثيل واﻹنتاجِ وﻻ ضد تجديد " طبقة الممثلين " فالفن هو معلم اﻷجيال وقد ربانا على حب الخير لﻶخرين واﻻعتراف بجهودهم ومواهبهم إن وجدت وفي تاريخي ما يشفع لي وأنا الذي كونت اجياﻻ عدة ومنحتها فرصة الظهور وفرصة اﻹدارة الفنية ، لكنني بالمقابل ﻷن اسمح لنفسي بالسكوت على تمييع مجال ﻻ املك فكاكا من حبه وهو وطني اﻷول واﻷخير وفي ارضه تمارس خيلي الصهيل آناء الليل واطراف النهار . سنتان هجرت فيهما التمثيل واخترت الصمت عَلَّ الواقع يتغير وحين ادركت ان السكوت خيانة لهذ الفن الذي يسكنني كشفت الحقائق حتى يتبين للناس الخيطُ اﻷبيضُ من الخيطِ اﻷسودِ وليكونوا على دراية أن ارض الفن تكاد تميد من تحت اقدامنا بعد ما تحول اهل هذا المجال إلى اعجاز نخل خاوية ، وإني اليوم على يقين ان هذا الفن لن يتطور وقادته يتقاتلون على بقايا تمرة فخناجرٌ مرفوعةٌ وحِرابُ ، لن يتطور وصُنَّاعُه ليسوا على قلبِ رجل واحد ، لن يتطور وأهله ما بين منافق معلوم النفاق او كذاب اشرْ .. سفيه قريش بون ولد اميده ولد بونا ولد احمد بابه