الصحراء اليوم: رأي - بقلم : * الشيخ الوالي
غريب هو أمرنا فعوض عن أن تنقلنا المرحلة التاريخية الجديدة التي دخلتها البلاد منذ 2011 إلى مرحلة أكثر تضامنا ووحدة وانسجام وباختلاف عقلني حول تصورات التنمية و التغيير، عوضا عن ذلك يزداد لغط النخب والأحزاب وتتدحرج كرة الانتقال الديمقراطي شيئا فشيئا إلى الخلف.
الحقيقة تغيب وسط الكم الهائل من الأكاذيب والشائعات، ومحبة الناس بعضهم لبعض تتناقص وأسماع الناس تمتلئ بوسخ الكلام والعبارات البذيئة والمشاحنات الحادة والملاسنات، والتنافس والجدل يتحولان إلى مظاهر للعنف والتطاحن وهتك الأعراض.
الصراع على السلطة في بلدي أصبح تكالبا على الفوضى ومدخلا للإساءة وبث الأحقاد والتدافع العنيف والنخب والأحزاب تتسابق صباحا مساء إلى التقاط عثرات بعضها البعض وتُسارع إلى نشر الغسيل الوسخ والقذر في معركة باتت مفضوحة اتجاه بوصلة كرسي الحكم والسلطة والمسؤولية وهي أبعد ما تكون عن تحقيق أهداف الثورة التنمية و التغيير وتحسين ظروف عيش المحرومين والفقراء والفئات الشعبية المهدودة ، سواء هذه الحكومة أو التي كانت قبلها ستكون قادرة على تغيير أوضاع البلاد بعصا سحرية وفي سرعة قياسية.
إن منطق المزايدات والركوب على الأحداث بالريف أو الصحراء أو أي مكان من ربوع المملكة منطق يدفع إلى التشنج ويكثف حالة الاحتقان والكراهية ويسرع درجة الخبائث والفتن، ويسقط ثقة الناس بعضهم ببعض وثقتهم في المستقبل الأفضل.
منابر الحوار والتواصل الاجتماعي أصبحت فضاء للعراك والسباب ومرات حتى التلفظ بقبيح الكلام، وقد انساقت العديد من وسائل الإعلام في هذا المجرى العفن تحسب أنها تحصد سبقا صحفيا، لكن في الحقيقة تكيل للمرحلة ولحرية التعبير وأخلاقيات المهنة ضربات متعددة والإهانة تلوى الأخرى.
لما تنساق النخب بما لها من زاد معرفي وأكاديمي والأحزاب بما لها من رصيد سياسي ونضالي وتطلعات لخدمة الشأن العام ، لما ينساق كل هؤلاء إلى نشر الغسيل الوسخ أمام الملإ وعلى مسمع الصغير والكبير وعلى مرمى أنظار العالم، عندما يقع ذلك تتزاحم على ذهن الواحد فينا أكثر من سؤال وأكثر من استفهام: أية دروس تريد نخبنا وأحزابنا تقديمها للمواطنين؟ أية قيم وأية مبادئ يريدونها للمغرب المعاصر؟.
ثم، ألا يعلمون أن صنيعهم هذا وحرصهم ومثابرتهم على نشر كل الغسيل الوسخ والبحث في سوابق المخالفين والسعي لنشرها على نطاق واسع هتكا للأعراض وللمعطيات والأسرار الشخصيّة والعائلية، ألا يعلمون أنهم يسقطون في منحدر العمل السياسي الرديء ويبعثون برسائل قذرة ووسخة إلى الرأي العام المحلّي والدولي..
كل ذلك العفن المتصاعد الذي لم يبق له قيمة أو مبدأ إلا وضربها ومس بها.
عفن يلطخ سير أولئك المشتغلين بالسياسة ويراكم خطاياهم، ويؤخر نفعهم وخدمتهم للناس من كل الفئات وفي كل الجهات.
- · عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة.